لماذا يتحاور اثنان في مجلس ، فينتهي
حوارهما بخصومة ؛ بينما يتحاور آخران ، وينتهي الحوار بأنس ورضا ؟
إنها مهارات الحوار
لماذا يخطب اثنان الخطبة نفسها بألفاظها
نفسها ، فترى الحاضرين عند الأول ما بين متثائب ونائم ، أو عابث بسجاد المسجد ، أو
مغيّر لجلسته مراراً ؛ بينما الحاضرون عند الثاني منصتون متفاعلون ، لا تكاد ترمش
لهم عين أو يغفل لهم قلب؟
إنها مهارات الإلقاء
لماذا إذا تحدث فلان في المجلس أنصت له
السامعون ، ورموا إليه أبصارهم ؛ بينما إذا تحدث آخر انشغل الجالسون بالأحاديث
الجانبية ، أو قراءة الرسائل من هواتفهم المحمولة ؟
إنها مهارات الكلام
لماذا إذا مشى مدرس في ممرات مدرسته ،
رأيت الطلاب حوله .. هذا يصافحه ، وذاك يستشيره ، وثالث يعرض عليه مشكلة ، ولو جلس
في مكتبه وسمح للطلاب بالدخول ، لامتلأت غرفته في لحظات .. الكل يحب مجالسته
؟ بينما مدرس آخر ، أو مدرسون ، يمشي أحدهم في مدرسته وحده ، ويخرج من مسجد
المدرسة وحده ، فلا طالب يقترب مبتهجاً مصافحاً ، أو شاكياً مستشيراً ، ولو فتح
مكتبه من طلوع الشمس إلى غروبها ، وآناء الليل وأطراف النهار ، لما اقترب منه أحد
أو رغب في مجالسته ؟
إنها مهارات التعامل مع الناس
لماذا إذا دخل شخص إلى مجلس عام هش الناس
في وجهه وبشوا ، وفرحوا بلقائه ، وود كل واحد لو يجلس بجانبه ؟ بينما يدخل آخر ،
فيصافحونه مصافحة باردة - عادة أو مجاملة – ، ثم يتلفت يبحث له عن مكان ، فلا يكاد
أحد يوسع له ، أو يدعوه للجلوس إلى جانبه ؟
إنها مهارات جذب القلوب والتأثير في الناس
*********************
يختلف الناس
بقدراتهم ومهاراتهم في التعامل مع الآخرين ، وبالتالي ، يختلف الآخرون في طريقة
الاحتفاء بهم أو معاملتهم ، والتأثير في الناس وكسب محبتهم أسهل مما تتصور ، لا
أبالغ في ذلك ، فقد جربته مراراً ، فوجدت أن قلوب أكثر الناس يمكن صيدها بطرق
ومهارات سهلة ، بشرط أن نصدق فيها ، ونتدرب عليها فنتقنها ، والناس يتأثرون بطريقة
تعاملنا ، وإن لم نشعر
********************
قصة بسيطة
كان
الشيخ محمـد العريفـي يتولى منذ ثلاث
عشرة سنة الإمامة والخطابة في جامع الكلية الأمنية ، وكان بطريقه إلى المسجد يمر
ببوابة يقف عندها حارس أمن يتولى فتحها وإغلاقها.
كان يحرص إذا مر به
أن يمارس معه مهارة الابتسامة ، ويشير بيده مسلماً مبتسماً ابتسامة واضحة ، وبعد
الصلاةيركب سيارته راجعاً للبيت.
وفي عدة أيام
متتالية ، كان هاتفه المحمول مليئاً باتصالات ورسائل مكتوبة وردت أثناء الصلاة ،
فكان مشغولاً بقراءة الرسائل ، فيفتح الحارس البوابة ويغفل عن التبسم ، حتى تفاجأ
به يوقفه وهو خارج ، ويقول : يا شيخ ! أنت زعلان مني؟ قال الشيخ: لماذا ؟ قال: لأنك
دائماً تبتسم وتسلم وأنت فرحان ، أما هذه الأيام ، فكنت غير مبتسم ولا فرحان ؛
وكان رجلاً بسيطاً ، فبدأ المسكين يقسم له أنه يحبه ويفرح برؤيته ، فاعتذر منه ،
وبين له سبب انشغاله، ثم انتبه فعلاً إلى أن هذه المهارات مع تعودنا عليها تصبح
من طبعنا ، يلاحظها الناس إذا غفلنا عنها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق